Thursday, February 5, 2015

كتاب منزوع الصفحات

محمّد طمَّليه، كيفك؟، قرأت ثلثي كتابك هذه الليلة، إن أجمل صديق للكاتب هو القارئ الذي يدفعه حبّه للكاتب لجعل الآخرين يقرؤون له، بطرقٍ جميلة طبعاً، فهنالك الكثيرين ممن يجلبون للكاتب المسبات، مثل الإبن العاطل بالزبط. أتواصل مع بعض المعجبين بك الذين يكتبون بشكلٍ جميل وأقرأ لهم، وهذا الجمال دفعني لأتعرّف عليكْ، من المؤسف أن كلّ من أقع في حبهم مؤخراً أمواتْْ. معلش، هنالك نظرية تقول أن أجمل شيء هو ذلك الذي لا نحصل عليه، هذا الأمر حصل معي حرفياً في كتابك، جعلت صديقي في الأردن يبحث عن كتابك طويلاً، فكما تعرف مكتبات فلسطين لا يوجد فيها إلا غراب البين، وبعد انتظارٍ طويل جاءني الكتاب، كانت هذه النسخة الوحيدة المتوفّرة، ومستعملة!. بدأت بالقراءة لأكتشف أن هنالك 5 صفحات مفقودات. أحا، إبن الكلب، استطيع تخيّله وهو ينتزع هذه الصفحات متمتماً "هذه أجمل الصفحات في الكتاب، سأحتفظ بها"، لا استطيع التوقف عن التفكير بأن أجمل ما كتبت يا محمّد طمّليه سرقه ابن الكلب، معلّش برضو، سأجعل أحدهم يصوّر لي الصفحات الناقصة.

 البعض يرى أن كتاباتك سوداويّة ومظلمة، حسناً هذا يبدو من الخارج، لكنّهم لا يعرفوننا جيّداً يا محمّد، هذا القلب صاحب القشرة السوداء يحمل داخله نوراً طيّبا، من الصعب يخرج هذا النور، فما وجدناه من صعوبات وحفر يباعد بيننا وبين الناس السُذّج، يعظّم اللامبالاة فينا، ويزيد سمك القشرة السوداء ويجعلها أكثر صلابة. لا أعرف إذا كانت فتاتك "سَلمى" التي تكتب لها موجودة فعلاً، فأنا لا أعرفك كفاية حتى أفتي في هذا الأمر، لكنّ فتاتي التي أتحفّظ على إسمها لدواعٍ أمنية موجودة، وشهيّة أكثر من سندويشة شاورما بعد يوم مُتعب. تعرف؟، أحياناً أمضي يومي بدون طعام، وأجد نفسي منغمساً في تفكيري، ضائع وتائه، وفجأة أكتشف أنني جائع وكأنني لم آكل منذ أيام، أذهب إلى مطعم "عنّاب"، وأطلب "شاورما الدجاج"، صاحب المحل يحفظني ويعرف أنني أفضلها بدون سلطات وبالكثير من "الطحينة". أمسك السندويشة باليمين والكولا بالشمال، أشعر بالحب الشديد تجاه السندويشة، سعادة صافية، وكأنها شربة ماء بعد ضياعٍ في صحراء، انظر في مرآة السيارة إلى وجهي وكأنني أطلب لحظة صدقٍ مع نفسي، أو كمحققٍ يريد إجابةً صادقة، أسأل نفسي: سندويشة شاورما أم رؤية عينيها لثانية؟، أسرح طويلاً وتبرد السندويشة.

بداية كتابك قاتلة، فمرارة موت أفرادٍ من العائلة مرّة، صعبة. لكنّنا نتجاوز الأمر، وعندما نتحدّث عنه لا نكون دراما كوين، يمكننا استرجاع الأمر والتحدث عنه برقيٍ يفوق توقعات الجميع، نحن لا نبكي لحظة موتهم، ولا عندما يصمت الجميع ويتابعون عيوننا لتذرف الدموع. نحن نبكي فجأة، عندما نكون لوحدنا بلاسبب مقنع. نحن نندرج ضمن "الغير متوقّع"، نتكلم عندما يجب أن نسكت، ونسكت عندما يريدون منّا الكلام. قلتَ أنك تريد رشق بيت سلمى بالمنجنيق؟، هل تعرف أنني أفكّر يومياً بمداهمة قريتها ورشق الحجارة على منزلها ومن ثمّ الهرب بفرحٍ ونشوة؟ الفكرة تسيطر عليّ كثيراً، هل نفعلها أم نحن نقول ما لا نفعل، لا تفهمني غلط، نحن عند كلماتنا، لكن أنت تعرف كيف يصبح الأمر عندما يتعلق الأمر بهن، تتمنّى أن تضربها على خدّها جراء عنادها عن حبّك، وعندما تلتقي بها تتمنّى أن تتخيّل نفسك وردةً على خدّها الذي تورّد من الخجل.

 تأخّر الوقت، ويجب أن أخلد إلى النوم، فأنا مُتعب بسبب أمورٍ لم أفعلها، وأشعر ببحّة في صوتي بعد كلّ تلك الجمل التي لم أقلها. أنا أذهب إلى النوم وأنت تكمل موتكْ. قبل أن أدعكَ في حال سبيلك، مؤخراً وجدت نفسي مُجبراً في نقاش مع "أبو العبد"، وعرفت عندها لماذا توقّفت عن المناقشة منذ فترة طويلة، جلط سماي، ولو زادَ قليلاً للحقتك يا محمّد طمّليه، و"كلّما ابتعدت عن الكتب، عاقبني الله بالناس". إعذرني لن أقول لك تصبح على خير لسببين، الأول: لا أعتقد أنّه أمر ممكن، إلا إذا كانت القيامة غداً، وهو أمر صعب حالياً. الثاني: أنني أستغل هنا كلّ فراغٍ ممكن لأقول لها: تصبحين على خير. 


  


6 comments:

  1. Replies
    1. بتذكر بمحاضرة قبل اسبوع تقريباً عن أتمتة الأسلحة ومستقبل الحروب الإستعمارية، المهم في المحاضرة الأستاذ بحكي عن القوّاد العرب، قصده القادة طبعاً، فوقتها وقّف شوية وقال، وأخيراً لقيت معنى صح لكلمة قوّاد. الفكرة من الموضوع إنو انتا العرص مش أنا، ولو انا عرص بيكون المعنى كويّس

      Delete
  2. اذا سمحت ما اسم الكتاب ؟

    ReplyDelete
  3. مع اني مش شغل ادب وروايات كثير وما بقرأها غير للاتزان الفكري.. بس شكلها رح تخرب معي بعد هالمقالة

    ReplyDelete
  4. إنما لا بأس لطيفة

    ReplyDelete